موضوعنا عن الحكمة في سفر الأمثال… وملحوظة هامة عن هذا السفر تساعدنا على فهمه أكثر، على الرغم من أن الغالبية عند قراءته تشعر أن كل الإصحاحات متشابهة، وكلها أمثال تبدو متقاربة… ولو قرأنا مثلا السفر من ربعه أو نصفه، نأخذ انطباع بأنه ــــ رغم حلاوته ــــ لكن هناك تداخل بين أجزاءه وتكرار كثير، ويشعر القارئ كأنه غير قادر على الاستفادة منه.
ومن جانب آخر، لو القارئ حاول يصنع تقسيم دراسي للسفر، يجد نفسه أيضا غير قادر بسبب أن السفر كبير (٣١ إصحاح) وكلها متشابهة، حتى في الإصحاح الواحد يبدو أيضًا التشابه بين الآيات، والكتب الموجودة عن السفر لا تعمل له أقسام أيضًا.
لكن في نفس الوقت، سفر الأمثال من أهم الأسفار السلوكية في الكتاب المقدس، وأعتاد الكثير من رجال الله في أماكن كثيرة على المواظبة على قراءته بانتظام شهريًا (لأنه ٣١ إصحاح) فيقرأ كل يوم إصحاح، لأنه سفرًا سلوكيًا يساعد على سلوك الإنسان أثناء حياته اليومية، وتكرار قراءته لها تأثير مباشر على عملية “تجديد الذهن” التي تكلم عنها معلمنا بولس الرسول (رو ١٢: ٢)؛ فنحن كمسيحيين أكثر شيء ينقصنا:
البداية الصحيحة – التبعية المستمرة – وتجديد الذهن… فالشخص لو بدأ بداية صحيحة، بمعنى توبة حقيقية.. ثم التبعية المستمرة، بمعنى الاستمرار والمواظبة.. فهو هنا يحتاج لشيء هام وهو عملية (استبدال أفكاره) بين الأشياء المعاصرة المحيطة به المتأصلة فيه، وبين الأشياء التي ينبغي أن يتطلع إليها ويثبت فيها… بين الدائرة الأرضية والدائرة السمائية… بين ما هو تحت وما هو فوق… لذلك إذا كان سفر الجامعة يكلمنا عن ما هو تحت، فإن نداء العهد الجديد “فإن كنتم قد قمتم مع المسيح، فأطلبوا ما فوق، حيث المسيح جالس عن يمين الله” (كو ٣: 1).

وبالتالي، تُرى ما هو المقصود بالسلوك بحسب ما هو فوق، أو ما هو تحت… وارتباط ذلك بالذات بسفر الأمثال؟!