انفتحت لآباء الكنيسة الأولى ـ بسبب محبتهم وأمانتهم الشديدة للرب، وجوعهم وعطشهم الروحي ـ ذخائر الظلمة وكنوز المخابئ، وائتمنوا على مفاتيح الملكوت وأسراره

فإغتنوا بغنى المسيح الذي لا يُستقصى، وأمتلؤا نعمة فوق نعمة، وصاروا عمالقة في الروح، وتركوا لنا هذا الميراث، ورسم الطريق الروحى لكي ما يتصوَّر المسيح فينا كما تصوَّر في

“المسيح فينا رجاء المجد” (كو 27:1) هذا السر كشفه الرب الروح لبولس الرسول، الذي ائتُمِن على سر الكنيسة. فتمخَّض وانسكب مصليًا، لكي ما تتأيد الكنيسة بالقوة بالروح في الإنسان الباطن، ليحل المسيح في قلوبنا (أف 14:3-17) فيُحضر كل إنسان كامل في المسيح يسوع (كو 28:1)

وهذا ما سار عليه آباء الكنيسة في كل جيل، وكل مكان، فالآباء ينسكبون على ذبيحة الإيمان، مُصلين ومُكمِّلين في جسمهم نقائص شدائد المسيح، من أجل الكنيسة جسده، ليتصوَّر المسيح في أولادهم المؤمنين

والشيطان خلال القرون الماضية ـ مع ضعف الكنيسة، ونزيفها الذي امتد لزمان طويل ـ ردم هذا الميراث، وطمَّ آبار معرفة الله، وغنى مجد خلاصه المعلن في حياة آباء الكنيسة وتعاليمهم ومنهجهم، تاركًا الكنيسة فقيرة ضعيفة عطشى لمياه الروح الصافية. إلى أن جاءت أيام الأزمنة الأخيرة، ليُعيد فيها الرب فتح ونبش هذه الآبار القديمة، بواسطة الجياع والعطشى للبر، يُؤيِّدهم الروح القدس، فيرد لنا تعليم وتسليم الآباء، الذين تعمقوا في معرفة الله، وفهم الكتب المقدسة. ليتمهد الطريق مرة أخرى أمام المدعوين للحياة، ليكونوا كاملين كعروس الختن مُزينة مُهيأة لمجيئه الثاني

نحن بحاجة للعودة لتعاليم الكنيسة الأولى وآباءها، حتى ما يرد روح الرب قلب الآباء للأبناء، والعصاة لفكر الأبرار، لكي يتهيأ للرب شعبًا مستعدًا (لو 17:1)